عبر التاريخ تتناقل شعوب الأرض حكايات، عن نذير الشؤم.. وضمن الخطابات الأسطورية هناك مؤشرات لأحاديث طويلة عن نذير الشؤم هذا الذي عادة ما يسبق الكوارث او المصائب التي تقع علي الأفراد والجماعات..وإذا كان الشرق له حصة الأسد من هذه المواضيع التي تصل حد الخرافة.. إلا أن للغرب أيضا حصته فهناك العديد من الحكايات التي تذكر نذير الشؤم هذا في هذه القرية او المدينة او تلك من قري ومدن أوروبا.. أما كيف يبدو هذا الذي يسمونه نذير الشؤم تعالوا معنا عبر هذه الحكايات المستلة من التاريخ.
هكذا يبدأ نذير الشؤم... الصوت يبدأ خافتا، معولا نائحا كنسيج البكاء ثم يرتفع تدريجيا بشكل وحشي يحبس الدم في العروق واخيرا يتلاشي علي هيئة عويل ضعيف مخنوق واحيانا يبدو كصوت طبول مصحوب بصوت مزمار كئيب النغمات انه صوت البانش الذي يندر باقتراب الموت.
والبانش عبارة عن روح وملاك في الأساطير الايرلندية والاسكتلندية يعلن عن اقتراب الموت ويبشر بانتهاء حياة أحد الأشخاص ويأخذ البانش في التقاليد الايرلندية صورة امرأة تمشط شعرها وتنوح خارج المنزل الذي سيشهد بعد قليل موت أحد من فيه، غير ان الشخص المعني لا يسمع صوت البانش، وانما أهله واقاربه هم الذين يسمعون ويرتعبون أما في الأساطير الاسكتلندية فيأخذ البانش شكل امرأة غسالة او صياد وحيد او فارس من دون رأس او مجرد صوت يدق لحناً جنائزياً.
ومن الأمثلة الشهيرة في ايرلندا علي نذير الموت هذا، صوت العويل الذي سمع يوم 22 آب عام 1922 في قرية سافركروس الواقعة في جنوب غرب ايرلندا في تلك الليلة عبر القرية رئيس حكومة وجيش ايرلندا مايكل في طريقة لتعقب قوات المتمردين أثناء الحرب الأهلية الدموية في ايرلندا، وبعد مرور كولنز في القرية متوجها الي مدينة كورك، سمع القرويون صوت عويل البانش يقترب ثم يختفي ويتلاشي ــ فأوجسوا شرا وفي صباح اليوم التالي علموا أن كولنز قتل برصاصة في رأسه بعد معركة مع المتمردين عقب سماعهم صوت البانش بدقائق معدودة.
لقد قام الباحث النفسي فرانك سميث بإجراء دراسة حول هذه الأسطورة الشعبية.فوجد انها قد عبرت المحيط مع المهاجرين الي العالم الجديد، وقد قص عليه عدد من المهاجرين الايرلنديين في الولايات المتحدة قصصاً مشابهة عن سماعهم للصوت المشؤوم قبل ان تنقل إليهم الأخبار في اليوم التالي او الذي يليه خبر وفاة عزيز او قريب.
فرجل الاعمال جيمس اوباري الذي يعيش مع عائلته في بوسطن سمع صوت البانش عام 1930، وفي صباح اليوم التالي وجد والده يبكي، فلما سأله عن السبب اخبره ان جده قد توفي في نيويورك، وكان موته غير متوقع ويومها سمع اوباري بأسطورة البانش عقب تبادله الحديث مع والده.
وفي عام 1946 كان اوباري يخدم في القوات المسلحة الأمريكية العاملة في الشرق الأقصي فاستيقظ ذات صباح علي الصوت المشؤوم.. وكنت اعرف هذه المرة ماذا يعني فاعتراني الاكتئاب وخشيت ان يكون والدي قد توفي وبعد أيام تلقيت خبر وفاة والدي فعلاً.
وفي 22 تشرين الثاني (اكتوبر) عام 1963 سمع اوباري نذير الموت بينما كان يقرأ جريدته في حجرة الفندق في تورنتو فخشي ان تكون زوجته أو أحد أولاده قد أصابه مكروه، غير انه علم في وقت متأخر من ذلك اليوم باغتيال صديق العائلة الرئيس جون كيندي في دالاس بتكساس.أما في عام 1988 فقد سمع صوت رسول الموت منبعثا من بحر الشمال قبل ان تتناقل الإذاعات خبر موت 160 عاملاً ممن كانوا يعملون في جزيرة عائمة لاستخراج البترول، وقد أكد أحد الناجين انه سمع الصرخات المشؤومة المرعبة قبل انفجار المنصة وموت زملائه بدقائق معدودة قال ديريك النبغتون البالغ من العمر 45 عاماً يفسر ما سمعها ببساطة كان الصوت شبيها بعويل البانش [/size][/size]