الحديث عن ( مثلث برمودا ) مثل الحديث عن الحكايات الخرافية والأساطير الإغريقية والقصص الخالية التي اختلف العلماء في صحتها ، ولكن يبقى الفارق هنا هو أن مثلث برمودا حقيقة واقعية لمسناها في عصرنا هذا وقرأنا عنها في الصحف والمجلات العربية والعالمية ، ويذهب بنا القول إلى أن مثلث برمودا يعتبر التحدي الأعظم الذي يواجه إنسان هذا القرن والقرون القادمة .
مثلث برمودا احد الظواهر المحيرة للإنسان و لغز من ألغاز الطبيعة حير العلماء في حله ، منذ الستينات أحيط مثلث برمودا بهالة إعلامية كبيرة بسبب الظواهر التي حدثت فيه.
مثلث برمودا هو مثلث افتراضي وهمي غير مرئي يتوسط العديد من الجزر يقع في غرب المحيط الأطلنطي, ويمتد من ( برمودا) شمالاً , إلى ( فلوريدا) جنوباً , ويتجه شرقاً عبر جزر ( البهاما) , وغرباً حتى خط طول 40 درجة , ثم يعود إلى ( برمودا ) شمالاً ( وبرمودا هي اسم جزيرة تقع في شمال المحيط الأطلنطي), و قد سمي بهذا الاسم لأن حدود أضلاعه تشكل مثلث و يعتبر هذا الجزء الغامض من المحيط الأطلسي منطقة كوارث حيث تم رصد العديد من حالات اختفاء للسفن و الطائرات دون أن تترك أي أثر لها ، ولم يستطع أحد حتى الآن أن يعطي تفسير بشكل مؤكد وقاطع لسر اختفاء هذه السفن و الطائرات .
والواقع أن حوادث الاختفاء في مثلث برمودا لم تبدأ بحادثة سرب (تشارلز تايلور) التي سوف أذكرها لاحقاً , وإنما هي حوادث قديمة , يرجع تاريخ بعضها إلى القرون الوسطى , ولكن قلة السجلات في ذلك العصر , وقلة عدد الرحلات البحرية أعطتنا انطباعاً بأن لغز برمودا لم يبدأ إلا في هذا العصر , في حين أن كريستوفر كولومبس البحار الشهير الذي اكتشف أمريكا أشار في مذكراته إلى واقعة اختفاء لواحدة من سفنه هناك ..
نقطة الاختفـاء في برمودا:
في منطقـة معينـة شمـال غـرب المحيـط الأطلنطي ( بحر سارجاسو ) حيث اشتهر بغرابته ، وهى منطقة كبيرة تتميز مياها بوجود نوع معين من حامول البحر يسمى " سارجاسام " حيث يطفو بكميات كبيرة على المياه على هيئة كتل كبيرة تعوق حركة القوارب والسفن ، وقد اعتقد كولومبس عندما زار هذه المنطقة في أولى رحلاته أن الشاطئ أصبح قريباً إليه فكانت تشجعه على مواصلة الترحال أملاً في الوصول إلى الشاطئ القريب ، لكن كان ذلك دون فائدة. هذا وقد حكى كولومبس عن بعض المشاهدات الغريبة عند وصوله لهذه المنطقة كرؤية كرة نارية تسقط في المحيط وكذلك اختلال البوصلة في السفينة بشكل مفاجئ.
ويتميز بحر " سارجاسو" بهدوئه التام ، فهو بحر ميت تماماً ليس به أي حركة حيث تندر به التيارات الهوائية والرياح ، وقد أطلق عليه الملاحـون أسـماء عديـدة منـها " بحر الرعب " ، " مقبرة الأطلنطي " وذلك لما شاهدوا فيه من رعب وأهوال أثناء رحلاتهم . ، وقد أشارت رحلات البحث الجديدة إلى وجود عدد كبير من السفن والقوارب والغواصات راقدة في أعماق هذا البحر حيث يرجع تاريخها إلى فترات زمنية مختلفة منذ بداية رحلات الإنسان عبر البحار ، ومعظم هذه السفن غاصت في أعماق هذا البحر في ظروف غامضة ، هذا إلى جانب اختفاء عدد كبير من السفن والقوارب ، دون أن تترك أي أثر ، وأيضاً في أعماق هذا البحر يوجد المئات من الهياكل العظمية لبحارة وركاب هذه السفن الغارقة.
كما أظهرت الأبحاث بعد ذلك , أن هذه المنطقة ليست الوحيدة في العالم , وإنما هناك مناطق مرعبة أخرى حول العالم . مثل منطقة معينة جنوب القنال الإنجليزي , وكذلك شرق هونج كونج في بحر الصين, وجنوب المحيط الهندي , وجنوب المحيط الباسفيكي , ومقابل الشاطئ الجنوبي الغربي لقارة إفريقيا , ولكن مثلث برمودا أشهرها على الإطلاق .
س : هل هناك توقيت معين لحدوث الكوارث في مثلث برمودا ؟.
لاحظ المراقبون أن معظم الكوارث تقع في مواسم معينة أطلقوا عليها مواسم الاختفاءات وهي فترة الإجازات بين شهري نوفمبر وديسمبر وفبراير, خاصة التي تسبق بداية السنة الميلادية الجديدة أو بعدها , ولكن لاحظوا أيضاً أن بعض هذه الحوادث لا تحدث خلال الأوقات المذكورة سابقاً وأنها قد تحدث في أي وقت , وقد تمر سنوات دون أن يحدث شئ على الإطلاق . ثم فجأة وبطريقة غير معروفة تقع مثل هذه الأحداث ربما لساعات أو لأيام أو أكثر من ذلك لا أحد يعرف بالضبط ..
بداية ظاهرة الاختفاء في برمودا:
على مدى سنوات طويلة اختفت سفن وطائرات مدنية وحربية كثيرة في مثلث برمودا أو مثلث الرعب كما يسميه البعض , وكان اختفاء السرب التاسع عشر داخل هذا المثلث الرهيب هو أشهر حوادث الاختفاء وإن لم يكن أولها, حيث أنه في اليوم الخامس من ديسمبر عام 1945م , انطلق سرب من الطائرات البحرية على شكل مثلث فوق المحيط الأطلنطي , بقيادة الملازم تشارلز تايلور , في رحلة تدريبية , وكانت كل طائرة مجهزة بالقنابل , وممــلؤة بوقود يكفي طيرانها لآلاف الكيلومترات , وكانت الرياح شمالية شرقية معتدلة , ودرجة الحرارة ملائمة, وكل الأحوال الجوية والمناخية مثالية لطيران ...
وفي الثانية تماماً , بدأت الرحلة التدريبية , وراح تشارلز يرسل ملاحظاته , لاسلكياً , وطائرات سربه تتدرب على الانقضاض والقصف , كما يحدث في كل مرة , وبدا كل شيء عادياً مألوفاً ...
وفجأة .. في تمام الثالثة والربع , تلقى برج المراقبة رسالة مضطربة من تشارلز يقول فيها :
- هناك شئ عجيب يحدث .. لم نعد على ما يرام .. لا يمكننا أن نرى الأرض .
وعندما سأله مراقبو الطيران عما يعنيه بهذا , أجاب في توتر :
- لست أدري .. المحيط لا يبدو كما اعتدنا أن نراه .. وكل شئ تعطل .. البوصلة والدفة .. كل شئ ..
وبعدها انقطع الاتصال بسرب الرحلة التاسعة عشر تماماً ..
وتفجرت حالة ذعر عامة , في كل أفرع الجيش وقياداته , فلقد انتهت الحرب العالمية الثانية منذ شهور قليلة , وبدا الجميع استرخاءهم , وبدا المستقبل مشرقاً , ثم جاء هذا الاختفاء الغامض ليقلب كل شئ رأساً على عقب ..
وأصدر قائد القوات الجوية أوامره بضرورة البحث عن هذا السرب المفقود , واستعادته بأي ثمن ..
فانطلقت السفينة الحربية ( مارتن ماريز ) لإنقاذ السرب المفقود , ولكن..
مارتن ماريز اختفت بدورها ..
بل لم يبدُ هذا الاحتمال منطقياً , فلم تسفر عمليات البحث عن العثور على أدنى أثر لطاقمها , أو حطام أو ركام أو حتى بقعة زيت ..
لقد تبخرت السفينة , كما تبخر قبلها سرب تشارلز تايلور ..
ذهبوا جميعاً إلى العدم , في قلب مثلث الشيطان ...
ومن هنا بدأت وانتشرت أسطورة مثلث برمودا ..
وبعد واقعة تشارلز تايلور وسربه , بدأت حوادث اختفاء أكثر إثارة , أشهرها اختفاء سفينة الشحن ( مارين سيلفركوين ) , التي يبلغ طولها 141 متر , والباخرة (سايكلوت) , التي اختفت بكل ركابها البالغ عددهم 309 راكب ..
وفي عام 1948م اختفت طائرة الركاب البريطانية "ستارتايجر" وعلى متنها 31راكباً بغتة دون أن ترسل إشارة استغاثة واحدة ..
وتوالت حوادث اختفاء الطائرات والسفن في مثلث برمودا ..
وبدأت عمليات البحث العلمي , والسعي لإيجاد تفسير علمي منطقي لما يحدث...
وخرجت عشرات النظريات منها...
1- نظرية التيارات البحرية : عندما جاء عالم بريطاني حاول تفسير هذا بقوة التيارات البحرية في منطقة مثلث برمودا , وقال إن هذه التيارات يمكن أن تصنع دوامة هائلة , ذات قوة امتصاص رهيبة , تبتلع كل ما يقترب منها من السفن , وكل ما يطير فوقها من الطائرات .. ولكنَّ أحد لم يهتم بهذه النظرية , إذ أنها لم تعطِ تفسيراً مناسباً لحوادث الاختفاء المباغتة , ولا حتى لظواهر المصاحبة لها, كما أن أحداً لم يسجل وجود تخلل هوائي , يشير إلى وجود هذه الدوامة المزعومة ..
2- نظرية انعدام الجاذبية الأرضية + نظرية الجذب المغناطيسي : تبدأ هذه النظرية عندما جاء الأمريكي ( ولبرت . ب. سميث ) , وقال أنه توجد مناطق تتلاشى فيها الجاذبية على كوكب الأرض ,حيث أن الزمن نفسه يصيبه الخلل مما يؤدي إلى توقف الساعات عن الدوران واضطراب البوصلة , وأجهزة الطيران , ولكن هذا الأمر أيضاً لم يفسر على نحوٍ جيد .مما جعل أحد العلماء يشير إلى نبوءة قديمة للعالم النفساني والمتنبئ الشهير إدجار كايس , الذي توفى عام 1944م , قبيل كشف أشعة الليزر ..
ففي عام 1937م , أشار( كايس) في أثناء سقوطه في غيبوبة عميقة , إلى أن سكان قارة أطلانتس القديمة استخدموا الكريستال والياقوت , لتوليد واستخراج الطاقة , وأن جزء كبير من هذه الطاقة قد غرق مع قارتهم , وأنه سيبقى في الجزء الغربي من المحيط الأطلنطي , ليفسد البوصلة , وكل المعدات الحديثة فوق نقطة غرقه .. مما يدل على وجود قوة مغناطيسية أو قوة جذب شديدة وغريبة ..
ولم يكن أي مخلوق يعلم , حتى هذا التاريخ , أنه من الممكن توليد طاقة الليزر من الكريستال أو الياقوت ...
وهن برز احتمال آخر .. احتمال أن تكون أطلانتس هي السر..
ولاقى هذا الاحتمال قبولاً من ذوى الخيال , في حين استنكره كل العلماء ..
ثم تفجرت أكبر قنبلة في الموضوع ..
ففي حديث تليفزيوني عام 1974م , قال أحد مراقبي المطار , ممن عاصروا حادثة ( تشارلز تايلور ) أن القوات الجوية قد أخفت عبارة أرسلها( تشارلز ) نفسه, قبل اختفاء سربه تماماً , يقول فيها...
(( لا تتبعونا .. يبدو أنهم من الفضاء الخارجي ))...
3-
ومن هنا أتت نظرية الأطباق الطائرة : وتقول أن هناك علاقة بين ظهورها واختفاء السفن والطائرات في هذه المنطقة .
وهناك احتمال أن تكون هذه الاختفاءات عمليات اختطاف , من قبل مخلوقات من كوكب آخر ..
ومرة أخرى وجدت هذه النظرية مؤيديها ومعارضيها, ولكن أحداً من مسئولى القوات الجوية لم ينكر أو يستنكر هذه العبارة , التي نسبت إلى (تشارلز تايلور) , مما أيد موقف من يميلون إلى نظرية الاختطاف من الفضاء الخارجي ..
وهكذا مازال لغز اختفاء السفن في مثلث برمودا قائماً , بالرغم من التقدم الكبير في تكنولوجيا البحار والجو... ومازال العلماء مختلفين في تفسيره, كما أنه لم تحدد حتى الآن نظرية تفسر هذا الأمر الغامض ..
الإثنين أغسطس 08, 2011 12:10 pm من طرف زائر
